ارواح يتيمة بقلم الشاعرة سلمى اليوسف
أرواحٌ يتيمةٌ
يا أيَّتُها الرُّوحُ غادري المتاهاتِ
وأنا أحملُكِ في صدري
حملتُكِ و مرَرْنا في كُلِّ الرِّواياتِ
و أكمَلْنا حتَّى النِّهاياتِ
أخذْنا منهم بعضَ الكلماتِ
ولكنْ تبعثَرْنا في الأزِقَّةِ هُنا و هُناكَ
في الظَّلامِ تعثَّرْنا ...
لا نورَ يرشُدُنا في البِداياتِ
و لا الظَّلامُ يرحَلُ
في داخلي روحُ طفلةٍ يتيمةٍ
لم تكبرْ بعدُ ...
تنتظرُ أنْ يضمَّها صدرُ أمٍّ وأبٍ
يحتويها بكُلِّ حُبٍّ
أنا طفلةٌ ضاعَتْ في الأزِقَّةِ و حاراتِ الحياةِ
تُراوِدُني الأفكارُ
و أشُكُّ أنِّي قد كبرتُ قبلَ الأوانِ
و تعدَّيتُ السَّنواتِ العِجافِ
وحدي ركضْتُ بينَ السُّهولِ و الغاباتِ الكئيبةِ
مررتُ و اجتزتُها بلا خوفٍ
رسمتُ حياتي بريشةِ فنَّانٍ
و أتقنتُ بإبداعٍ
شممتُ رائحةَ الموتِ
عُدتُ مرَّاتٍ و ناديتُ نفسي
ابتسمي أيَّتُها الطِّفلةُ اليتيمةُ
لا تستسلمي ...
فلا أمَّ ولا أبَ يعودُ لِلحياةِ لِيُسنِدَكِ
لبستُ رِداءً مُدرَّعاً بقُوَّةٍ وثباتٍ
تمسَّكتُ بفُؤادي بلا خوفٍ
اِجتزتُ مُنحدراتٍ و طلعاتٍ
و أطلقتُ عِنانَ الأقلامِ هُنا و هُناكَ
و دوَّنتُ مسيرةَ الشَّقاءِ
أيَّامٌ وسنواتٌ ضائعةٌ في المتاهاتِ
عصرتُ الصَّبَّارَ
و أخرجتُ منهُ رحيقَ الأزهارِ
أنا تلكَ اليتيمةُ التي تُجدِّدُ الحياةَ
وأنا أيضاً أصبحتُ مثلَ كُلِّ الأمَّهاتِ
ثكلى في هذهِ الحياةِ
حُروفي و كلماتي أنسجُها من أنينٍ و أحزانٍ
ورقصتُ على أنغامِ أبجديَّةٍ صمَّاءَ
خزنتُها بدواوينَ
وضعتُها على رفوفِ المكتبةِ كما الرَّاهباتِ
غدوتُ الآنَ على مشارفِ الفَناءِ
سأظلُّ أكتبُ حتَّى يجُفَّ الحبرُ في الأقلامِ
وحتَّى ينكسرَ قلمي من الصرخاتِ
أو يصبحَ تِمثالاً في أحد السَّاحاتِ
وقبلَ أن يُعانقَ الموتُ روحي
و يخرجَ بهِ و يطيرَ إلى السَّماءِ
و تنتهي مُحاكمةُ القدرِ
وينزعونَ مني الأبجديَّاتِ
التي كانتْ تبدأ عندي بحرفِ الصَّادِ
و تنتهي بحرفِ الرَّاءِ
و يلبسونَني الكفنَ
أكونُ قد أنجزتُ مهمَّتي بكُلِّ ثباتٍ
بقلمي ✍️ سلمى اليوسف
تعليقات
إرسال تعليق