وطن الزهور بقلم الشاعر بقلم الشاعرة سلمى اليوسف
وَطَـنُ الزُّهـورِ
أنعي جِراحَكَ يا وطني إلى مَثْواهُ الأخيرِ
فبِدماءِ شُهَدائِنا تعطَّرَتِ الأرضُ و نبتَتِ الزُّهورُ
حينَ تمطُرُ جِراحُكَ دَمْاً
تفوحُ منها العُطورُ
فتُنعِشُ أنفاسي و تبكي العُيونُ
على مَنْ استضافَهُ حضنُكَ
و تطمَئِنُّ الجُفونُ
وعلى صدرِكَ يسيرُ الخائِنُ
المُلطَّخُ يَدُهُ بدَمِكَ
و لا يُغمِضُ عُيونَهُ
نخوضُ المعارِكَ و نحنُ فيها ثُوَّارٌ وشُهَداءُ
و يحسَبونَنا خارِجينَ عنِ القانونِ
و لكنَّنا مُتمرِّدونَ على الظُّلمِ
لا نقبلُ العيشَ بخِذلانٍ
و نموتُ في مَقْبرةٍ
لا تُقرأُ علينا الفاتِحةُ معَ الصَّلاةِ
نظلُّ نتخبَّطُ في دمِكَ المسفوكِ
و النَّارُ تلتهِمُكَ في حُفرةِ الضَّميرِ
كمْ منْ عُمْرِنا ضاعَ ... !
و نحنُ نتذوَّقُ مَرارةَ الخِياناتِ و الخِذلانِ
مِمَّنْ حَسَبْناهُمْ مِرآةً تدعو لِلنَّهضةِ
و التَّحرُّرِ منْ سَطْوةِ الاحتِلالِ
فقدْ أرهَقْنا أجسادَنا حُزناً
بعدَ أنْ غادرَنا الأجدادُ
و هُمْ يأملونَ أنْ نبنيَ مُستقبلاً زاهِراً
لِأحفادِهِمُ الوارِثينَ
ضِعْنا بينَ مَدارِجِ وُعودِ الكَذِبِ و زِيْفِ الكلامِ
إلى متى نظلُّ نتخبَّطُ في أماكِنِنا
ونحنُ مُنتشِرونَ في الأوطانِ ؟
يأتي جيلٌ و يرحَلُ جيلٌ
و نحنُ لاجئُونَ في كُلِّ بِقاعِ الأرضِ
لا نجني غيرَ الوُعودِ و باقاتِ الأوهامِ
سأعودُ أدراجي و إنْ على متنِ قلمي
و سأترُكُ ظِلِّي هُناكَ
لِأصُبَّ جامَ غَضَبي
على مَنْ قيَّدَني بسلاسِلِ الذُّلِ و الهَوانِ
سأعودُ لِأرسُمَ خارِطةً بلونِ زُهورِكَ
و عليها ابتِساماتُ الأطفالِ
و أكتُبُ عليها : لا لِدُموعِ الأُمَّهاتِ
سألتَحِفُ سماءَكَ بقصائِدَ عصماءَ
و أنتشِلُ كُلَّ الأسوِجةِ و الأشواكِ
و الحِزامَ الأسودَ عنْ عُنُقِكَ لِتتنفَّسَ الهواءَ
و ألعَنُ التَّاريخَ
و ما مرَرْتْ بهِ منْ مآسٍ في مَواسِمِ الخَريفِ
و ألوانُها الدَّاكِنةُ تُؤلِمُ القُلوبَ
لِيسلمَ بلدُ الزُّهورِ في الرَّبيعِ
لِيفوحَ عَبَقُ النرجِسِ و الأقْحُوانِ
لِيهرُبَ منهُ الخَوَنةُ و المخذولونَ
معَ عواصِفِ الخريفِ و أمواجِ البحرِ
حُفاةً ... عُراةً
لِترميهِمْ في صحراءَ تُحرِقُهُمْ
و هُمْ مُكبَّلونَ بلِجامٍ و سلاسِلَ
بقلمي ✍ سَــلْـمـى الـيُـوسُــف
تعليقات
إرسال تعليق