عائشة سيمفونية بقلم الشاعر سليم عبد الرحمن زغل
في اطار المنافحة عن رموزنا الغالية.. نعزف للدفاع عن أجمل الأسماء...
(عائشة) سمفونية الشرق وأنشودة الأيام
***********
عائشة اسم جميل جزّفته عواطر الأيام تطرب الأذن لسماعه بالايقاع العربي؛ تسمت به اليعربيات منذ القدم، يرتدي ثياب القمر وهو يسطع في الصحراء العربية بعد أن لوحت شمس الاسلام حروفه الذهبية.. عندما صارت عائشة بنت ابي بكر زوجاً للنبي صلى الله عليه وسلم وأماً للمؤمنين صار الاسم جزءاً من ديننا نحب سماعه وننتشي ونحن ننادي به على النساء.. ويوماً بعد يوم احتلّ هذا الاسم المواقع الجميلة في قلوبنا وذاكرتنا وتاريخنا وحكايتنا مع الأيام.. أتغنّى به وأذود عنه عندما ينبري حاقدٌ موتور ليمارس هواية شتم عائشة أُم المؤمنين رضي الله عنها فأُسارع لترميم ذاكرة الأجيال خوف أن تنالها عاديات الزمن وأنا أصغي لنبي الاسلام وهو يقول/خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء.. فكل الأبواب ستكون مشرعة عند باب عائشة.. ذلك الاسم الذي جزّفنا به رواية الزمن وطرّزناه وروداً وزهر الياسمين... ونغّمناه لحناً خالداً نثراً ونشيداً وعطراً ومعين... يزداد بريقاً وجمالاً في منحنيات الروح وعلى مفارق الزمن... سمّىٰ به اليعربيون بناتهم الحسان وتُصغي له قوافل الركبان وهو يتردد صدىً في جنبات الصحاري العربية والسفوح والوهاد.. فتطرب الأرواح ويصفو الزمن... عائشة اسمٌ شجيّ يُمتع السامعين والعابرين والظاعنين من دروبنا الى محطات الشوق... اسمٌ بتأرجح فوق أوتار القلوب فترزف جوانحنا لحن الوفاء في زغرودة الحياة.. مع النسائم العليلة في الامسيات والظلال الرطيبة في المهاجر والقفار... فعندما نسمعه يتردد في الفضاء المنساب نحو المدى الرحيب تُغني أرواحنا أُغنية الخلود وتُرجّع موّال الهوى والوجود...
عائشة.. أسم يُريح الناطقين به فيهدهد القلوب وترتوي لسماعه نفوس الظامئين والمتعبين وتهتدي بجواره مراكب الحيارى والتائهين.. وتخشع قلوب العابدين والعاكفين والركّع السجود...
على ايقاع عائشة طالما تذكرنا حلو أيامنا وزهو الزمان وياسمين العمر والأمجاد التي تطاول عنان السماء.. وعادت بنا الذكربات في دروب الهوى وخمائل الصبا وشدو المساء الرحيب...
وعلى صوت عائشة بحمد القوم السرىٰ وتنجلي عنهم غيابات الكرىٰ... وفي صوت عائشة تصرخ حنايانا شجىً وتُغني بساتين النخيل وتتماهىٰ موارس الزيتون...
كانت عائشة ولا زالت وستبقى تحمل أجمل الأسماء... وعندما تمر ذاكرة معركة الجمل في في خاطرنا ننشج صامتين والغصة تملأ القلوب وتعصف بالأرواح فنغرق في حيرة الأيام... لا زالت تحمل أجمل الاسماء وأغلى الحروف وأزهى الحواشي وعطر الصفوف... تتهادى به خمائلاً وهفوف في ميادين الشرق والحواضر العربية من بغداد الى القيروان... اسمٌ طالما أطربنا وأشجانا.. غنّاه حادي العيس في دروب المها وواهات النوىٰ سمعنا صداه يترجع هناك في سهول تهامة وحدبان عسير وجبال اليمن الهاربه نحو السماء.. اسمٌ يُعيدنا الى الزمن الجميل ويهمس لأرواحنا دون استئذان ويبقى يُحلّق في الربوع وفوق الجبل قبل أن يصدح مرة أُخرى ليعيد تغريبة الهوى ولحن القصيد...
عائشة باللكنة الفلسطينية قصيدة عربية قادمة من سهوب نجدٍ والحجاز.. تتهادى في فضاء الخيمة العربية وتنساب في حبور على شواطئ حيفا لتبيت في جبل النار وتصحوا على صوت الأذان في خليل الرحمن......
سليم عبد الرحمن الزغل /
*************
تعليقات
إرسال تعليق