ولان اللغة بقلم الشاعر عصمت مصطفى ابو لاوند
و لأن اللغة أهترئتْ و تمزقتْ ، و أصبحتْ بالية
لا يرتديها غير الشعراء ..؟.
من هول المعارك
من كثرة الغزوات
من شدة الحروب ..
أثخنت الحروف بالجراح
تقطعت أوصال الكلمات
و أغرقت القصائد و أوحلت في البرك والمستنقعات
و أوشجت المشاعر
و ألتهبت الرغبات
و تعفنت الأفكار
في صناديق الذكريات
و من كثر ما أشجب و ندد بها الحكام
و أستبد بها الطغاة
فلم يبقى من اللغة
بعد تكرار الموت
إلا قطع صغيرة من الفرح
مصلوبة على العظام
و أوراق مبعثرة من الحزن
تلملمها العواصف
من حين ٍ لآخر
بين الدم الجاف على الأرصفة
و تدفنها ..
في المتاحف الوطنية
في قاع الجماجم
و لأن اللغة ..؟
كالمطر .. تكرر السقوط الجميل
كالشمس ..تكرر الإحتراق الهائل
كالقمر .. تكرر الإنحناءة و الإستدارة
على نفس الطرقات و المسافات
ستبقى ..
لبضع ملايين من السنوات
كالدموع
تكرر الإنفجار
في عيون الشعر
لبضع ملايين من السنوات
كالعصافير
تكرر الألحان و الأشجان
بين أغصان الشجر
لبضع ملايين من السنوات
كالمومياء تحت أهرامات الخوف
تكرر الألام
بين بقايا الصور
و لأن اللغة ..؟
مشلوللة و عاجزة
من إنقاذ الحروف
من دكتاتورية الكلمات
من إستبداد القصائد
و مصابة بإنسداد
الوريد و الشريان
و تعاني من إرتفاع ضغط الدم و السكر و الشحوم و الكوليسترول ..
و نقص التروية الدماغية
و متوترة
و مرتبكة
و منهارة
و محبطة
و مكتئبة
و مقهورة
و منهوبة
و مسلوبة
و مغتصبة
و و و و .... و محتلة
ستبقى ..
في المقاهي
تشرب القهوة العربية المرّة
مع قهقهات الشعراء
في النوادي و الصالونات
تزين صدور مهترئة الأثداء
في القصور و الجوامع و الكنائس
تحلم بأنهار الخمر
و الحوريات
مع الملوك و السلاطين و الأمراء
في الصحف و المجلات
في إنتظار إفتتاح
صفحات جديدة
للحرية
مع البؤساء
ستبقى ..
حافية القدمين
عارية الصدر
في الشوارع
تحيي على الصلاح
تحيي على الفلاح
و تتسول كسرات الفرح و الحزن اليابس
و قطع صغيرة من الحب
من أفواه الفقراء
و لأن اللغة ..؟
كحافلة خليجية
تحمل سيوف الحروف
في مقطورة الذكور
و رقاب الكلمات
في مقطورة الإناث
ستبقى ..
لبضع ملايين من السنوات
تحلم
بسرير ٍ مثير
بعناق ٍ دافء
و قبلات مسروقة
في هذا الوطن
و لأن اللغة ..؟
تخلتْ عن الأمجاد
و عن حلم الأجداد
و لأنها ..
غُللتْ بسلاسل القوافي و الأصفاد
و حكمتْ عليها لثمانية و عشرون حرفاً
حكماً أبدياً
مع الشغل و النفاذ
و لدغتْ بحبر الأفاعي
و لعقت بالدم و الدمع
و سحقتْ تحت أقدام الأوغاد
ستبقى ..
على سفن الشعراء القديمة
تبحرُ ..
في نفس البحار
في نفس القواميس
و على أضواء
نفس الفوانيس
و على أسرة ٍ باردة ٍ
تكرر ُ نفس الأحلام
نفس الكوابيس ..
و ستبقى ..
في نفس المعابد
في نفس الأوابد
تحت رحمة نفس الشياطين
و تحارب
نفس الجان
نفس الأباليس ..
و لأن اللغة ..؟
عزيزة على قلوبنا
و لأنها عبرتْ كثيراً
على لسانها حالنا
سنحضر جميعاً
و نسير معاً
من الخليج إلى المحيط
في قداس موكب الجنازة المقدس ..
بقلمي : عصمت مصطفى
أبو لاوند
سورية
تعليقات
إرسال تعليق