حسناء في ثوب التواضع بقلم الشاعر فؤاد يوسف ابو طاحون
حسناء فى ثوب التواضع
ركبت قطار الثانية بعد ظهر اليوم بعد شراء ما يلزمنى فى طريق العودة إلى بلدتى كان مزدحم جدا معظم المتزاحمين كانوا نسوة أرى فى وجوههم الفرحة والسعادة بقدوم العيد وبأنهن قد اشترين ما يلزمهن من حاجات العيد ملبس وأحذية كل منهن يفرج الآخر حاجاته فى سعادة غامرة .، يمر الكمسرى على بائعة فجل وجرجير وخضار فى ثلاث صرات من الخيش وإذا بالكمسرى يتوعدها ويعنفها ويقول لها هتدفعى ست وعشرون جنيها بدلا من خمسة جنيهات ، اغضبنى هذا جدا ولكن سرعان أن هدىء الكمسرى وقد اخبرنى أحد الركاب المترددين على الخط أنه يعد أفضل واطيب الكمسرية فقد سامحها وتجاوز عنها لذا انطفأت ثورتى وخمل غضبى وقد ابدلته السعادة فمن هم على باب الله يجب التغاضي عنهم ويكتفى بأجرتها فقط .، يمر بائع الجوارب مناديا شربات للمحجبات والأطفال ثم يليه بائع اخر معايا عسليه فرح اولادك بخمسه جنيه ويتبعه بائع الهدايا سلاسل وميداليات انظر الى القطار نظرة شمولية وإذا بمن تسرق وتهيمن على فكر والهام الكاتب إمرأة فى عمر الاربعين ما رأيت صارخة فى الجمال مثيلا سواها الوجه ابيض كاللبن بحمرة الورد الجوري كالقمر بدرا ليس بمستدير ولا بمستطيل مسحوب ويستدق تدريجيا حتى يتحدب عند الذقن العيون خضراء مشوبة بالزرقة تستظل بجفون جميلة وحواجب طبيعية سارحة كستنائية جميلة بلون منبت شعرها أراه من خلال طرحتها الطحينى وعباية بنية مزرقشة الوجه فيه ابتسامة فرح وتنفرج شفتاها الفراوليتين متسعة عندما أخذت هاتفها لتتحدث وكأنما هى باعثة السعادة فى نفس كل من يراها أميرة أو ملكة بكل ما اتصفت به من جمال أظنها حورية من الجنة تفترش أرضية القطار جالسة فى تواضع العظيمات مما أضفى عليها رونقا وجمالا وبهاء ورفعة شأن فزادنى انبهار بها ليس فقط لكونها جميلة الجميلات بل لأن لديها مروءة وشهامة وجدعنه اولاد البلد عندما رأت إحدى النساء تسقط على الأرض مغشيا عليها على ما يبدو من أثر الصيام والاجهاد همت بسرعة قائمة من مكانها وفى يدها زجاجة مياه لتغسل وجهها بعدما أبعدت الناس عنها كي تتنفس هى على قدر كبير من الحنان وحسن التصرف المغمى عليها ابنها أراه قلق على أمه عيناه وقد ترغرغت بالدموع فإخبرته أن امك بخير ولا تخف أحست الام بأبنها بعدما أفاقت فأمسكت يده فإذا هى باردة هرب الدم منهما من شدة خوفه عليها فأخذت الام تمسك يداه لتبعث فيها الدفء ما كل هذا العطاء والجمال فى
تعليقات
إرسال تعليق